تفاصيل المدونة

تصميم وصناعة الماركة للمدرب

مقدمة:
تشهد الساحة المحلية والإقليمية والدولية الآن زخماً كبيراً في مجال التدريب يتضمن تواجد العديد من الهيئات والمؤسسات التدريبية المختلفة، وكذلك تواجد عدد هائل من المدربين ما بين المبتدئين والمحترفين ومن يحاولون التواجد في المجال سواء كانوا مؤهلين علمياً ومهنياً أم لا، وبين غير الموهلين، إضافة إلي وجود أنماط مختلفة من البرامج التدريبية العامة والمهنية وهو ما يحتاج لفكرة التمييز بين ما هو جيد وغير جيد من المدربين والبرامج والأنشطة التدريبية وكذلك المؤسسات التدريبية المختلفة، وأيضاً التواجد بشكل مميز علي ساحة التدريب في ظل وجود التنافسية.
ونظراً لأن الماركة أو ما يعرف بالبراند Brand تعتمد فكرتها الأساسية علي التمييز، سواء كانت لمنتجات (سلع أو خدمات)، أو أشخاص أو مؤسسات، لذا فإنه من الأهمية بمكان تسليط الضوء علي أهمية وجود ماركة أو ما يعرف بالبراند Brand للمدرب لتمييزه في مجال التدريب عن أقرانه، وأيضاً لتمييز برامجه وأنشطته التدريبية، وكذلك للمؤسسات التدريبية باعتبارها كيانات مؤسسية تقدم خدمات تدريبية متنوعة، شريطة أن يكون هذا التمييز منهجياً منظماً متبعاً للأسس العلمية والفنية المتعارف عليها في عملية صناعة البراند (العلامة) للمنتجات والخدمات والأشخاص، وكذلك الاستراتيجيات التسويقية الملائمة للتسويق لها، إضافة إلي ضرورة الإشارة إلي الواقع الحالي لصناعة البراند في مجال التدريب وانتشار العديد من المفاهيم الخاطئة حول ماهية البراند، وما هو مأمول لتحقيق التميز والاختلاف من خلالها للمدرب والمؤسسات التدريبية.

تعتمد صناعة البراند Brand للمدرب والمؤسسات التدريبية علي الإبداع والابتكار والمثابرة والقدرة علي تحقيق الاختلاف عن الآخرين في مجال التدريب، إلا أن هناك اعتقاد خاطئ بين العاملين في مجال التدريب والعامة أيضاً، بأن البراند أو ما يعرف بالماركة في لغة التسويق هي عبارة: عن مجموعة الإعلانات التي يتم نشرها علي وسائل التواصل الاجتماعي والتي توضح مجموعة الأنشطة والفعاليات الحالية والمستقبلية للمدرب والمؤسسات التدريبية، أو تصميم كارت شخصي business card للتعريف بصاحبه. إلا أن البراند في حقيقة الأمر هو: انطباعات إيجابية تحدث في أذهان المتدربين الحاليين والمرتقبين عن المنتجات أو الخدمات التدريبية المقدمة من قبل المدربين والمؤسسات التدريبية المختلفة، الهدف منها إيجاد قيمة تجعل جمهور المتدربين يقدرون المبالغ التي ينفقونها في سبيل الالتحاق بالبرامج التدريبية المختلفة أو وضع أسماء بعض المؤسسات التدريبية علي شهادات التدريب الخاصة بهم، أو الحصول علي الاعتماد كمدربين من تلك الجهات.
تحدث هذه الانطباعات الإيجابية نتيجة للعديد من الجهود المستمرة والتي تبدأ بوضع جوهر للبراند والذي يمثل الخطوة الأولي في صناعة وتصميم البراند، وتمثل مجموعة القيم والمبادئ التي ينشد المدرب أو المؤسسة التدريبية في تحقيقها علي المدي البعيد، وتتضمن أيضاً وضع الرؤية vision والرسالة mission للمدرب والمؤسسة التدريبية. وهو ما يمكن أن نطلق عليه فلسفة البراند.
ويعتبر توليد الأفكار التسويقية الجديدة للبرامج التدريبية والمدربين والمفاضلة بين الفرص التدريبية المختلفة، والاختلاف عن الآخرين إحدي المبادئ الأساسية للتميز في صناعة البراند، وخلق فرص تنافسية غير تقليدية في مجال التدريب. يحتاج هذا التمييز، والفرص التنافسية غير التقليدية إلي التسويق الفعال والمستدام لضمان استمرار المدرب والمؤسسات التدريبية في هذا المجال، وهو مالا يحدث إلا في وجود علامة تجارية Brand قوية وناجحة تعبر عن المدرب، والمؤسسات التدريبية وتخلق لهم آفاقاً تنافسية جديدة.

ثم تأتي الخطوة الفعالة الثانية ذات التأثير علي قوة البراند في أسواق التدريب، وهي اختيار وتصميم الاستراتيجية التنافسية الفعالة للبراند أو ما يعرف في مجال التسويق بالموقع التنافسي Brand Position للمدرب والمؤسسة التدريبية، حيث تبني جميع جهود التسويق للمدرب والمؤسسات التدريبية علي نجاح تلك الخطوة وتحديد الميزات التنافسية بمنتهي الدقة.

وأخيراً الخطوة الثالثة في صناعة وتصميم البراند والتي تعني بتصميم الهوية البصرية visual identity والتي تعبر عن جوهر البراند الذي تم تحديده مسبقاً. لتأتي الخطوة الأولي في تصميم الهوية البصرية باختيار الإسم الملائم trade name والعلامة التجارية trademark في حال البراند الخاص بالمؤسسة التدريبية تم الإنطلاق نحو تصميم المطبوعات المختلفة والتي تحمل نفس الهوية البصرية للتصميم وأخيراً الانطلاق نحو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بمجموعات متنوعة من الإعلانات التي تحمل نفس السمات البصرية، والذي يعتبر سر نجاح الهوية البصرية المتميزة.
كما تتضمن العلامة التجارية Brand أيضاً مجموعة آخري من العناصر التي تدخل ضمن مكونات بنائها، إضافة إلي العناصر السابقة وتتضمن هذه العناصر:
شخصية العلامة brand personality، نوعية وجودة البرامج والخدمات المقدمة type/quality of products & services، فلسفة خدمة المتدرب customer service philosophy ، مدخل التسويق marketing approach، قنوات الاتصال communication channels، طريقة العمل business process ، العلامات التجارية المرتبطة بها associated brands ، نبرة الصوت (نبرة صوت العلامة) tone of voice ، الأعمال التجارية والشبكات الاجتماعية business and social networking.
تمثل العناصر السابقة هوية البراند الشخصي للمدرب والمؤسسات التدريبية، حيث تحتاج هذه الهوية إلي التسويق للمفاهيم الخاصة بها لتحقيق الانتشار في مجال التدريب.

ومن العرض السابق يمكن القول بأن: صناعة وتصميم البراند (الماركة) ليست بالأمر السهل أو الهين، بل يتطلب فريق عمل متكامل ومتخصص، والاستمراية في العمل من أجل صناعة التمييز والاختلاف، كما أن الهوية البصرية الناجحة من ناحية التصميم وحدها لا تضمن الاستمرار في سوق التدريب في حال عدم وجود جوهر وقيم ومبادئ للبراند (فلسفة البراند) يتم تحديدها وتصميمها مسبقاً، واختيار موقع تنافسي مناسب للبراند تبني عليه كافة جهود التسويق، وهو ما نأمل بأن تتبناه المؤسسات التدريبية المختلفة والمدربين الراغبين في صناعة البراند الشخصي الخاص بهم personal branding ، ونشر ثقافة صناعة وتصميم البراند في مجال التدريب وتغيير المفاهيم الخاطئة والشائعة عن هذا المفهوم.

وأخيراً: لا مانع من الاستعانة بالأخصائيين والخبراء في مجال صناعة الماركات والعلامات الشخصية، والاطلاع علي نماذج لماركات شخصيات ناجحة ومعروفة، وقراءة الكتب في هذا المجال.