تفاصيل المدونة

مفهوم "الدور الثلاثي" في إدارة الجودة

يؤدّي كلّ شخص في أيّ منظمة ثلاثة أدوار وهي دور العميل، ودور المعالج، ودور المورِّد. الجودة هي تلبية توقعات العميل وتتحقق عبر تنسيق وإدارة عدد من النشاطات المترابطة، وعبر إجراء أبحاث السوق، ومن خلال التصميم والشراء والإنتاج والاختبار والتفتيش والتغليف والشحن. وقد أشار جون روسكينJohn Ruskin إلى أنّ الجودة ليست أبداً وليدة الصدفة، بل هي دائماً نتيجة لجهد ذكي. وبهدف تلبية توقعات العملاء، يجب أن نحصل على مواصفات المُنتَج من أولئك العملاء، وننتج ونورِّد وفق لتلك المواصفات. إنّ إدارة هذا التفاعل بين المُورِّد والعميل عنصرٌ رئيسي من عناصر إدارة الجودة.
نميل إلى اعتبار المُورِّدين والعملاء عناصر تقع خارج المنظمة، فالمُورِّدون يوفرون لنا المواد الخام وقطع الغيار والمعلومات، بينما يشتري العملاء منتجاتنا وخدماتنا. كذلك نميل إلى أن ننسى المُورِّدين والعملاء داخل المنظمة. على سبيل المثال، يحدد قسم التسويق الخصائصَ التي يطلبها مستخدمو المنتَج، ثم يؤدي هذا القسم دور المُورِّد فيبلّغ قسم التصميم بهذه المعلومات، علمًا أنّ قسم التصميم هو عميله داخل الشركة. ويُعِدّ قسم التصميم، الذي يؤدي دور المعالج، مواصفاتٍ تستند إلى هذه المعلومات ويحيلها إلى قسم الإنتاج، وهذا الأخير هو عميله داخل الشركة. ويؤدي قسم التصميم أيضًا دور المُورِّد بالنسبة لقسم الإنتاج. في هذا المثل، أدى قسم التصميم دوراً ثلاثياً عبر العمل تباعاً كعميل ومعالج ومُورِّد.
يظهر مفهوم الدور الثلاثي بوضوح في نهج العملية لإدارة الجودة، فيمكن اعتبار النشاط الذي يستخدم الموارد وتتم إدارته بهدف تحويل المُدخَلات إلى مُخرَجات، كعملية، فالمُدخَلات تُقدَّم بواسطة مُورِّد إلى عميل يحوّل بدوره تلك المُدخَلات إلى مُخرَجات تُقدَّم بدورها إلى عميل آخر. ويتم تحويل المُدخَلات إلى مُخرَجات بواسطة العميل السابق الذي يعمل الآن كمعالج.
سلسلة العميل: يوجد في جميع المنظمات ما يُعرف بسلاسل الجودة للعملاء والمُورِّدين. ومن المهم ضمان عدم انقطاع سلاسل الجودة هذه عند أي نقطة كي تكون تلبية توقعات العميل ممكنة. على خلاف ذلك، تُضطرّ المنظمة إلى أن تواجه غضب العملاء الذين استلموا مُنتَجًا معيبًا أو خدمة معيبة بسبب فشل إحدى سلاسل الجودة. على سبيل المثال، إذا طلبت من خلال وكالة السفريات تناول وجبة طعام نباتية أثناء رحلة طيران ولم ينقل الوكيل هذه الرغبة إلى شركة الطيران، لن تحصل على وجبة الطعام وسيتوجب على المضيفة أن تواجه استياءك.
من المهم الاتفاق على المتطلبات لدى كل تفاعل بين المُورِّد والعميل في المنظمة إذ لا فائدة من تلقي منتجات غير صالحة للاستعمال، يضمن ذلك تلقي المُدخَلات الصحيحة للمعالجة وبالتالي أن تتم هذه المعالجة بشكلٍ يبقي ظهور الاختلافات في العملية عند أدنى حدّ ممكن. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المخرَج مطابقا للمواصفات المتفق عليها مع العميل التالي. وعلى العملاء، عند كل تفاعل، أن يرفضوا قبول المنتجات غير المطابقة التي يجب ردّها إلى المُورِّدين.
يرسل ذلك رسالة مفادها أن المنتجات المطابقة هي وحدها المقبولة، ويقلّل من الفاقد، ويحد من شكاوى العميل ومن رد المنتَج. ويعزز مفهوم الدور الثلاثي ثقافة إنتاج المنتَج بالصورة الصحيحة من المرة الأولى، وعند كل مرة.
في الحالات المثلى، يجب أن يتبنى كل شخص في المنظمة مفهوم الدور الثلاثي، وأن يحدد مُورِّديه وعملائه، ويتولى ملكية العملية الخاصة به، ويقلل من الاختلاف في العملية إلى أدنى حدّ ممكن.
على العملاء طرح أسئلة مثل:
• من هم المُورِّدون المباشرون لي؟
• هل أبلغتهم بمتطلباتي الحقيقية؟
هل اتفقت معهم على أسلوبٍ محدد لفحص مطابقة مُدخَلاتهم؟
علي المُورِّدين طرح أسئلة مثل:
• من هم عملائي المباشرون؟
• هل أبلغوني بمتطلباتهم الحقيقية؟
• هل اتفقوا معي على أسلوب لفحص مطابقة مُخرجَاتي؟
علي المعالجين طرح أسئلة مثل:
• هل تستطيع عمليتي أن تلبي متطلبات عملائي المباشرين؟
• إن لم يكن الأمر كذلك، كيف يمكنني تحسين عمليتي كي تلبي تلك المتطلبات؟
على كلّ منظمة تنظيم شؤونها الداخلية أولًا عبر تقوية سلاسل الجودة بها بين المُورِّدين والعملاء الداخليين ، ثمّ إشراك مُورِّديها وعملائها الخارجيين في مفهوم "الدور الثلاثي". ويؤدي خلق ثقافة تعزز هذا المفهوم إلى استحداث جو من الثقة بين المُورِّدين والعملاء الداخليين. وتولّد سلاسل الجودة الناجحة للمُورِّدين والعملاء الداخليين تفاعلات ناجحة مع المُورِّدين والعملاء الخارجيين. وتتوفر، في مثل هذه البيئة، تغذية مرتجعة مستمرة وفورية للمعلومات تساهم في خفض الفاقد وتحسين رضا العميل والتحسين المستمر للعمليات.